تفاؤل ..وحب في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
بنظرة متأنية في كتب السيرة النبوية وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسف تكتشف – بكل سهولة – أن شرائط الكاسيت التي تباع بالآلاف أمام المسجد والمليئة بالبكاء والعويل وعذاب القبر والتشديد والترهيب ، كلها أمور بعيدة تماماً عن الإسلام الذي يدعو إلي أن يعيش الإنسان حياة بشرية طبيعية ..يضحك .. يلعب يعمل ..يغنى ويرقص ، ويلاطف أبناءه وزوجته .
والأمر يحتاج إلى تفسير أو إعادة تأويل فقط سنري كيف كانت حياة الرسول هادئة معتدلة فيها المداعبة والمزاح بل والعب أيضا.
مداعبة :
- دخل الرسول – صلى الله عليه وسلم- على زوجته صفيه (رضي الله عنها ) وكانت من أصل إسرائيلي فوجدها تبكي ، فسألها عن بكائها فقالت : إن عائشة وحفصة (زوجتيه) قالتا لها : نحن أكرم على النبي منك ، ونحن أزواج النبي وبنات عمه ، فرد عليه الصلاة والسلام قائلاً : ألا قلت لهما فكيف تكونان خيرا منى وزجي محمد وأبي هارون وعمي موسى .
هكذا حافظ عليه الصلاة والسلام على شعور زوجته صفية بالمداعبة التي تطيب قلوب النساء .
- وعندما ولدت مارية لرسول الله ولده إبراهيم ، حمله عليه الصلاة والسلام وقال لزوجته عائشة : انظري شبهه بي ، فقالت عائشة وهي تكابد الغيرة : ما أرى شبها …فابتسم لها الرسول وهو ينصرف بولده : إنك والله قد غرت يا عائشة .وهكذا كان يحمل الأذى بالابتسامة والمداعبة .
- ويروي أنس رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يسأله جملاً من الصدقة ليحمل عليه متاع بيته ،فقال له علية الصلاة والسلام : سأعطيك ولد الناقة ،فقال الرجل : يا رسول الله وما أصنع بولد الناقة ، فتبسم عيه الصلاة والسلام وقال له : وهل تلد الإبل إلا النوق . وقلد أراد عليه الصلاة والسلام أن يداعب ذلك المسكين ، وأن يفهمة أن الجمل ولو كان كبيرا يحمل الأثقال ما زال ولد ناقة ، ولقد كان عليه الصلاة والسلام يمزح ولا يقول إلا حقا ،وهكذا وصفة القران في قوله تعالي ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) صدق الله العظيم
- وتحكي عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم سألها يوما عن لعبة كانت تلعب بها ، وقال :هذا ،فرددت فرس ،فسألها ما ألي في وسطه فردت جناحان ، فقال لها فرس له جناحان ؟فرددت : أو ما سمعت أنه كان لسليمان عليه السلام خيل له أجنحة ، قالت فضحك حتى بدت ضروسه .
بساطة :
- واذكر أيضا قصة المرأة العجوز التي طلبت من عليه الصلاة والسلام أن يدعو لها بدخول الجنة ،فقال لها لا يدخل الجنه عجوز ، فولت تبكي ،فقال أخبروها أنها لاتدخلها وهي عجوز لان الله سبحانه وتعالي سيردها إلى مرحله الشباب ، لقد أراد فقط أ، يباسطها .
- ولم أستطع أن اخفي دهشتي عندما قرأت إحدى مداعبات الرسول صلى الله عليه وسلم مع صديق له يسمي زهيرا ، وكان من أهل البادية ، وعندما جاء زهير إلى السوق مره ووجده الرسول صلى الله عليه وسلم واقفا ،فجاءه من قبل ظهره وضمة بيده إلي صدره ، فأحس زهير أنه الرسول صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح ظهره في صدره رجاء بركته ، وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : من يشتري العبد ، فقال زهير : إذا تجدني كاسداً،فقال عليه الصلاة والسلام أنت عند الله غال . وكان صلى الله عليه وسلم يصلى اليل حتى تتورم قدماء ، وكان يستغفر الله سبحانه سبعين مرة في اليوم ، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لكنه لم يكن ينسى نصيبه من الدنيا كان كما قال تعالي (( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا واحسن كما أحسن الله إليك ))
كان صلى الله عليه وسلم يشجع العلم ومعرفة اللغات والاستعانة بخبرات الآخرين ، وكان أيضا يحب الطيب والرائحة الطيبة ، واثر عن النبي-صلى الله عليه وسلم –قوله : إن من الشعر لحكمة ، وان من البيان لسحرا ، وكان يكثر من استنشاد شعر الخنساء في أخيها صخر ، ويطلب منها تعيده مره أخري، وكان أيضا يستشهد بالشعر حين يدعو المقام إلى ذلك .
وتحكي عائشة –رضى الله عنها – أنه كان يحب الاستماع إلى الحداء في السفر والحداء شعر يؤدي بأصوات طيبة وألحان موزونة ، تارة لتحريك الجمال وتارة للاستماع .
وقد استقبلته النساء بالدف والألحان عند قدومه المدينة بطلع البدر علينا
سباق :
- ولندع اليسدة عائشة زوجة وابنه صديقة أبي بكر ، أحب نسائه إليه ، تحكي عن لطفه عليه الصلاة والسلام الذي وصل إلى ما لم تستطيع لأن تصل إليه نظريات علم النفس الحديثة . تقول : كان يوم العيد ،فسمعت أصوات أناس من الحبشة وهم يلعبون ، فسألني عليه الصلاة والسلام : أتحبين أن تري لعبهم فقلت : نعم فأرسل صلى الله عليه وسلم كفه على يده وجعلوا يلعبون وانظر ، واخذ عليه الصلاة والسلام يقول : حسبك (يكفيك ) وأقول : اسكت مرتين أو ثلاث ، ثم قالها مرة ، فقلت نعم ، فاشار إليهم فانصرفوا . وقال عليه الصلاة والسلام (أكمل المؤمنين أيما أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله ) وتستمر السيدة عائشة في حديثها : دخل على والدي في أيام عيد وعندي فتاتان تضربان الدف فنهرهما ، لكن الرسول الكريم صلى اله عليه وسلم قال له : دعهما فإنها أيام عيد …وكان يأتني صواحب لي فألعب معهن ، بل كان يأمرنا عليه الصلاة والسلام بضرب الدف عند الزواج ويقول : ( أظهروا النكاح ولو بضرب الغربال والدف ).
- وتقص السيدة عائشة مسابقة رياضية حدثت بينه وبينها ..فتقول : خرجت معه في بعض أسفاره وكنت جارية هيفاء ، لست بذات اللحم الكثير ، فقال عليه الصلاة والسلام للناس : تقدموا فتقدموا .. ثم قال لي تعالى حتى أسابقك فتسابقنا فسبقته وسكت ولم يلمز . وفي سفره أخري كنت قد سمنت وزاد وزني ، فقال لي تعالي حتى أسابقك فتسابقنا فسبقني عليه الصلاة والسلام واخذ يضحك ويقول : هذه بتلك .
- ويذكر الأمام الغزالي في إحياء علوم الدين أن النظر إلى رقص الأحباش والزنوج يدل على أن الغناء واللعب والرقص ليس محرما ، وأن سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة : أترغبين أن تنظري إليهم وهم يلعبون –دليل على حسن الخلق في تطييب قلوب النساء والأولاد بمشاهده اللعب أفضل من خشونة الزهد والتقشف والامتناع والمنع ، وفي هذه الأحاديث أيضا دليل على أن صوت المرأة غير محرم . نعم كان عليه الصلاة والسلام بشرا ، كان يلعب ويضحك ويبكي فعندما مات ولده إبراهيم وهو ابن عامين ورأي الناس الدموع في عني الرسول صلى الله عليه وسلم سألوه : أتبكي فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنما أنا بشر ، تدمع العين ويخضع القلب ، ولا نقول إلا ما يرضي الله .