هذه قصه حقيقيه((قرية البديعه))الي متى....الصمت
في قرية صغيرة بجوار ( طريق القصيم- المدينة المنورة) السريع وبالقرب من جبل يدعي (جبل طمية) وعلي مسافة قريبة من منطقة عقلة الصقور يعاني أكثر من ألف شخص من سكان تلك القرية من أمراض ومشاكل صحية أقلها الصلع الكامل لفتيات تتراوح أعمارهن بين الـ14-16سنة والتهابات جلدية حادة لأخريات لم يتجاوزن العاشرة من العمر لدرجة يتقطر من مسامهن الدم !! وخلل في وظائف الكلي لعدد كبير من البنات والأولاد الذين لم يتجاوزوا سن المراهقة !
ومشاكل أخرى لأمهات أجهضن أكثر من أربع مرات وعندما غادرت إحداهن القرية وتم الحمل رزقت بمواليد لديهم مشاكل صحية وصعوبة في النطق والسمع وتشوهات.
كل تلك المشاكل ولا يوجد بالقرية مركز صحي متكامل الخدمات وأقرب مركز صحي يبعد 200كم لذا يحتاج السكان للسفر لكي يعالجوا فلذات أكبادهم.. وكان ذلك حال إحدى الأمهات التي فقدت طفلها حين وصلت إلى المستشفى الذي يبعد مئات الكيلومترات عن قريتها ليتوفى الطفل بسبب التأخير أو بالأحرى كما قال الطبيب ابنك متوفي منذ زمن بسبب التسمم البطيء الذي كان يعيشه يوميا!!
قرية كاملة يتم تسميمها في وضح النهار في أكبر كارثة بيئيه في المملكة عمرها 14 سنه والعالم ونحن لا ندري عن قصتها التي نشرت مفصلة في صحفنا المحلية.
منجم الصخيبرات بدأ بمزاولة أعمال الحفر عام 1992 للبحث عن الذهب, وبدأت آثار السم تصل إلى القرية في بدايات عام 1998 وإلى هذا اليوم لم تتدخل أي جهة حكومية أو إنسانية لإغاثة سكان (قرية البديعة) من التسمم والأمراض التي تحاصرها من كل جهة وكأن الذهب أهم من الأرواح البشرية التي تهلك يوما بعد يوم وبات يهدد بقاء وحياة أبناء تلك القرية الفقيرة التي كادت ملامحها تختفي قبل أن تأخذ حقها رسميا علي الخريطة.. وأتمنى أن أكون مخطئة، ويظهر لي مسؤول ليقول لقد عالجنا الوضع ووفرنا الرعاية الصحية اللازمة لكل مريض.
كشفت بعض التقارير الصحية بعضا من القصص المأساوية التي تعرض لها أهالي تلك القرية البائسة:
وفاة طفلين بسبب تشوهات جينيه
إجهاض 116 امرأة بعضهن أجهضن أكثر من مره!!
إصابة معظم السكان بأمراض أخرى مختلفة ومتعددة من جراء شرب المياه الجوفية المسممة!
نفوق أكثر من 1145 رأس من الماشية (من إبل وماعز) كان يعتمد عليها السكان في توفير الغذاء والحليب لأسرهم!!
تدمير معظم مزارع الأهالي بعد جفاف الآبار وتلوثها مما اجبر البعض علي السفر لجلب المياه من أماكن ومناطق بعيدة!
وكأننا عدنا مئات السنين إلى الخلف إلى زمن استخدام الإبل في السفر وقبل صناعة السيارات ..
وبالقرب من كل تلك المصائب والمعيشة البدائية التي بات يعيشها السكان شركه تبحث عن الذهب في منجم ليس ببعيد عن القرية مليء بالذهب صانع المعجزات ومحيي الحضارات..!
ماذا فعلت الشركة العملاقة..؟! قامت بحفر آبار بديلة لكي تبعد نفسها عن المسائلة القانونية وتخفي نفسها عن المسؤولية لتثبت التحاليل التي أجراها قسم السموم في مستشفي الملك فيصل التخصصي والشؤون الصحية في القصيم عام 2001م بأنها آبار ملوثه هي الأخرى وأن جميع العينات المأخوذة من آبار المياه الجوفية في القرية تحتوي علي تركيز مرتفع من الزئبق والسيلينيوم يزيد عن الحد الأقصى المسموح به من هذين العنصرين, وإحدى العينات احتوت أيضا علي تركيز مرتفع من الزرنيخ هذا بالإضافة إلى تلوثها بالبكتيريا يعني بالعربي العينات غير صالحة للاستهلاك البشري ولا حتى الحيواني أو الزراعي..!
وبعد سبعة أعوام من تقرير قسم السموم وعدت الشركة بمد أنبوب للمياه ولم تفي بوعدها حتى كتابة هذه الكلمات وأتمنى أن أسمع بأنها فعلت.
كارثة بيئية عمرها أكثر من أربعة عشر عاماً مستمرة عام بعد عام... تقتل فيها الأجنة في أرحام أمهاتهن اللاتي يمتن قهرا في اليوم ألف مره أمام عجزهن عن إنقاذ بقية الأبناء أمام السموم التي يضطروا إلي تجرعها وإلا الموت عطشا.. ونحن بكل أسف وخزي مازلنا نتحدث عن خطط في حماية البيئة لكسب الامتيازات العالمية ناسين أو متناسين الكارثة البيئية التي أصابت قرية البديعة من أجل التنقيب عن الذهب!
مرت سنة, وهو وقت طويل علي أهالي القرية بعد أن نشرت جريدة محلية تفاصيل تلك القضية.. ومسئولي ومدراء الشركة يرفعون شعا ر(لا أقرأ ولا أرى سوي لمعان الذهب) الذي جعلهم لا يشعرون بمعاناة الآخرين لأنهم ينعمون بمياه معدنية صافية ونقية مع أسرهم دون أن يجربوا هم شرب أبنائهم مياه ملوثه بالزرنيخ ليقتلوهم بأيديهم أو يتركوهم يموتوا من العطش, لأن معظمهم لا يملكون ثمن المواصلات لجلب المياه من مناطق أخرى بعيده.
هذه القضية مهملة من قبل الإعلام والمسئولين.. ومع سوء الأوضاع مازال أهل القرية يستخدمون المياه الجوفية في شربهم وزراعتهم ومواشيهم علي الرغم من أنها غير صالحه للشرب.. والسبب بسيط ليس لهم حل آخر أمام قلة الدخل (الفقر) وصعوبة المعيشة من الأصل!
لا نريد ترك قضية القرية التي مر عليها زمن دون الكشف عن ما حصل بعد أن ذكرت صحيفة الحياة بأن هناك اهتماما من المسؤولين منذ سنوات مضت ولم نسمع عن النتائج.
نريد أن نعرف ماذا كانت النتائج ماذا فعل المسئولين لإنقاذها هل أقاموا بالتعاون مع وزارة الصحة مستشفى ميداني طارئ مثل الذي تقيمه المملكة للمنكوبين في لبنان... يعالج ويغيث مئات الأطفال والأمهات الذي يوشكون علي الموت بسبب كيلوجرامات من الذهب!
هل تمت إغاثة الأطفال والأهالي وسد عطشهم ومدهم بمياه نظيفة ونقية خالية من السموم نظراً لأن معظم الأهالي يعيشون في ظروف صعبة ودخلهم أقل من القليل لأنهم في الأساس يعيشون في مكان مهمل ومنسي من قبل بلدية المحافظة التي تتبعها القرية وهناك عالم لا يدري أصلا بأن لها وجود علي الخريطة..
هل من الممكن أن تنقذ الجمعيات الخيرية والأيدي الكريمة من رجال الأعمال أصحاب السمعة التقية ممن يريدون وجه الله في الآخرة أطفال قرية البديعة من التشوهات والموت بتحرك ايجابي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه...
هل سيتفاعل التلفزيون السعودي أو برنامج 99 ويقوم بتصوير القرية وينقل للجميع حقيقة الحياة هناك ماذا استجد وهل يوجد إلي الآن حياة ؟؟
لنسعى من أجل أن يتحقق الحلم الفقير وتستيقظ القرية يوما وتجد قافلة من الأدوية والمياه والأطعمة تنتظرها في صباح يوم سيصبح في ذاكرتها أثمن من الذهب إلي أن يتم حسم موضوع التسمم البيئي الذي تخلفه الشركة علي اثر تسرب رائحة الموت من
منجم الصخيبرات..؟!